Erbil, Kurdistan
0751 175 8937

الخوف وبناء المجتمع

Nureddin Ziyad Dalawi

الخوف وبناء المجتمع


الخَوفُ وبِنَاء المُجتمع

 

مَرَضُ الخَوف .. الفِطْرَة المُكْتسبَة .. نعم .. إنَّ هَذَا المَرضَ يتدخَّلُ في رَسْمِ حَيَاة المُصَاب ، إنَّها خَطيرة وَكَبيرَة أي : ( الفِطْرَة المُكتسبة ) من جَيلٍ إلى جيلٍ كالرَّضاعِ والتَّلقين والجُمُود ، فتؤثر عَلَى الفَرْد وعَلَى المُجتمع ؛ فهي تَبْدأُ بالفَرْد والأُسرة ، وَثم تَنْعكِسُ عَلَى المُجتمع ، فتنتقل إلى المَدَارِسِ وَالوَظائِفِ وإلى الأسَاتِذَة ، وَالمُدرَاءِ ، فَتنعكِس عَلَى التَّعليم وَالإنتاج مِنَ الفَرْدِ البَسيط إلى رَأسِ الهَرمِ مِنَ القَادة المَيْدانيين الذين يَقودونَ المُجتمع ..

وَالخَطيرُ في هذِهِ المَسألَة هُو أسَاس المُجتمع وَهُو المُعلِّمُ الذي يُربّي الأجيالَ ، وقد خرَّج الأطباءَ وَالمُهندسين وَالمُحامين وَالوزراء ؛ فإذا كان مُصَاباً بالخَوفِ وَالوَسْواس فسينتجُ عَنهُ السُّلوك الخَاطئ وَانحراف المَنْهَج القَويم المُستقيم المُترابط ، والخَوفُ يُتعِبُ ويَهدِم الفِكْرَ والتَّفكير وَالقَلبَ وَسائِرَ البَدَن ؛ لأنَّهُ يَرسُمُ يَومَهُ خَارجَ دَائرةَ الحَقيقة فيكون واعِزُهُ الخَيال القَاصِر المَريض ؛ فينبثق عنهُ تصرّفات مُتناقضة فيكون الشَّخص الوَاحد شَخْصين ، وَهُو الانفصِامُ المَخْفي …

وَلاَ تنكشِفُ شَخْصية المَريض ؛ لأنَّ صَاحِبَ هذه الحَالة يكون حَريصاً جداً في تصرفاتِهِ الظَّاهرة ، وَعَدَائياً في عَقْلهِ البَاطن ، ويحاول دائما أن يُنجِزَ أعمَالَهُ المُتعلقة مع الآخرين وهنا الطَّامة ..

والنتيجــــة : ظُهور شَخْصية الدكتاتور ، وفي نَفْس الشَّخص ( الجبان ) وهذا هو التَّناقض ، وأطلقنا عَلَى هذه المَسألة ( التناقض ) لأنَّها أمران مُختلفان لِنَفْسِ اللَّفظ أو نفس الشَّخص .

مثالُ اللَّفظي : الجلوسُ وَعَدم الجُلوس في نفس الوقت ، وهذا أمرٌ مستحيل أن تأتي بهما ..

كذلك الخوف ؛ فيُنتِجُ المُتناقضات في الشَّخصية المَريضَة ؛ فيَبْدَأُ الدَّمارُ يَسري في المجتمع ، وتبدأُ الحضارة بالتَّفكك ، وَعدم التَّطور ، ونبقى في المرتبة المُتدنية بالنسبة إلى الحضارات المتقدمة ، والتي بدأت تُنشئُ مُنشآت ومُختبرات عَلَى القمر والكواكب ، ونحن لحد الآن لم نستطع تأمين السَّكن للمواطن ، بل أدنى من ذلك ؛ فإن من أبسط الحقوق الحقوق الضرورية للمواطن مياه الشرب النقية ، والعلاج ونظافة المأكل والملبس ، ولانذكر الرفاهية لأنها الكلمة التي تُزعج أهلَ الحل وَالعَقْد ، ويَنتفِضُ منها الزُّهَّادُ الذين يُريدون للمجتمع أن يبقى في ظلمة الجَهْل كي يَبْقى يقول : نعم .. نعم ..نعم . ولا يعرف المُطالبة بالحقوق ، ولا يعرف أن يقول : لا .. لا .. لا . وألفُ لا للظُّلم والظالمين وأهل الجبروت والذين يُريدون لنا أن نبقى كما نحن نأكل ونشرب ونذهب إلى العمل ونعود ونتكاثر ونكبر ونموت ونحن لم نُحقق شيئاً غير الصُّراخ ، والقول دون الفعل ، وقد ضاعت الأجيالُ واضمحلت في بطن الجيل الذي يليه .

هكذا حتى مرت السنون والقرون ، ونحن كما نحن .. الطُّرقُ تُزخرفُها الأزبَال ، وَسَواد الأمّة لاَ يَعرف القراءةَ وَالكتابة ، والمنابرُ لا تُقدِّم شيئاً ..

أين أنتم يــا عُقلاء الأمة ؟؟ !!

كأننا أمة قد حَمَلَت الفِعْلَ عَلَى ظَهْرِ بَعير ، وَسَارَت بِهِ في الصَّحراء ؛ فتهنا وتَبعْثرنا فوَجدنا أنفسَنا ، وَلكننا لم نجد البَعيرَ وَلَاَ الفِعلَ وهلم جَراً في مِثْلِ هذهِ الأمثال والحوادث ..

نــــِداء : إلى العُقلاء / انهضوا بالحُروف والكلمات والعِلْم فهو أعظمُ الجهاد ، وابنوا لنا صروح العلم ، وبيوت النور ..

هيا : اعملوا .. ابحثوا عن الحقائق …

علِّموا النَّاسَ حُبَّ القِراءةَ والكِتَابة والعَمل بجدٍ وإخلاص ..

هيــا يـــا عُلماءَ البَلَد … طهّروا النُّفوسَ من الكذب ، والأنانية ، وعلِّمونا الحُب والإيثار والمُسامَحَة ، فليعلم الجميعُ إن المِلْحَ إذا فَسَد سيُفْسِدُ الخُبز ، ويالها من مَعيشة سيئة دونَ مَعَاش .

القلبُ يَعْتصِرُ فينتُجُ عَنهُ شَرَابُ الألم .. ويَنعكس عَلَى عَيْني فتكتب بدموعها : لا أستطيع أن أفعلَ شيئاً ؛ فأنا الغَريبُ وأنا بين أهلي لعلَّ أحدهم يقرأُ كلامي يوما فيذكُرُنا بـــخير …

السَّلامُ على الصَّالحين حول جبل المقطم على امتداد أذْرُعِه ..

◈◈◈◇◈◈◈

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار

كتبه فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري (قدس الله سره)

_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_

Views: 0