كرامة وطن
كَرَامةُ الإنسان، وكرامة الوطن، لماذا لا نَحْزن ، ولماذا لا نثور ؟؟ ولو بالكَلِمَة .. وَطَني (العراق) أصلهُ (عُـرَاق) أي: العِظَـام المُجرَّدَة عن اللحم .. أو (العُـرَاق) : الأرضُ المُسْتذْئَبـة ، أي: كثيرة الذِّئاب .
بعضُ الأُمم ، أو بالأحرى أكثر الأمم إذا حَدَثَ عندهُم حادثٌ إرهابي ، أو تفجير ، أو قتل جماعي ، ترى هذه الأمَّة تجتمع بكل الملل والنحل من أجل إظهار الحقيقة، والقِصَاص من المجرمين ، إلا أمَّتي المسكينة ، وأخصُّ من أمتي بلدي (العراق) ..
في السِّنين الماضية حَدَث تفجير في إحدى فنادق (الهند) ، فَرَاحَ ضَحيةَ الانفجار عددٌ من الأشخاص ، لا أذكُر عَدَدهُم بالتَّحديد .. والمجرمون كانوا بين التِّسْعة و الأحَدَ عَشَر شخصًا ، والهند أمَّة فيها أكثر من ( ألف إله) ، وينقسمون إلى أكثر من ألف مَذْهَب ، وإلى عِدَّة لُغات ، وفي الماضي كان ( الثَّعلب الخبيث) يعيش بين أظهرهم، فتقاتلوا وتَناحروا ..
ولكن بفَضْلِ وتَضْحية رجُلٍ هو (المهَاتْمَا غَاندِي) استطاع أن يُؤثِّر في هذه النفوس ، وما زالوا يَذْكرون أيضًا أقوال السيد (جمال الدين الأفغاني) ..
نعود إلى حديثنا : أتعرفون أنَّ هذه الأمة اجتمعت بكل أجهزتها ، وأرسلوا بعض الرِّجال لتتبع الجُناة ، واقتصوا منهم ، وعندما عَلِموا ، أي الشَّعب الهندي أن الجناة قد أخذوا جَزَاءهم ، احتفلوا بهذا الخبر ..
أين نحن من هذه الأمة .. نحن عندنا رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) وعندنا القُرآن وعندنا الصَّالحون ، وعندنا الأئمة والعُلماء والصَّحابة ..
ولكننا لم نتأثر تأثُّرًا حقيقيًا بأن نسير على طريق الصَّلاح للإصلاح ..
وفي بلدي ، وإليكم الحديث يا من تقرئون ، وخصوصًا إليكم يا أهل العراق ، بين يومٍ ويوم ، أو شهر وآخر ، انفجارٌ وقَتْل وخَطْف وإراقة دِمَاء ..
لماذا لا تجتمعون على كلمة سَوَاء ، فالعائلةُ الواحدة داخلَ الوطن بينهم خلافات ، أتعرفون لماذا ؟؟
سأقول لكم : الهنود تخلَّصوا من الذين يُفرِّقون الأمة ، ومن الذين ينشرون الإرهاب ، وعالجوا الأمراض الاجتماعية بالكتابة ونَشْر العلم ، واستخدموا التلفزيون أعظمَ استخدام لنشر المبادئ الإنسانية، والرحمة، والرأفة، والعدل .
أمَّا نحن في العراق أو بعُموم بلداننا أكثر البرامج والمُسلسلات تتكلَّم عن العِصَابات، والقتل، والخُمور، والمخدِّرات، والبِغَاء، والفساد .
فن السينما، وفن المسرح، وفن الكتابة، يجب أن تُعالِجَ أمراضَ المجتمع ، لا أن نُشجِّعَ وأن نأتي بأفكار غير مُنسجمة مع الواقع .
الفسادُ ليس في الزِّي ، الفَسَاد في جَوْهر الإنسان ، فرُبَّ سافِرة تحترم المبادئ والقِيَم ، ورُبَّ مُحجَّبَة تهتكُ السِّتار ، ورُبَّ رجلٍ بسيطٍ عِنْدهُ الإيثارُ والنَّخْوة، ورُبَّ صاحبِ عِمَامة وصاحب قَلَم من (الدَّكْتَرة) لا يحمل أيَّ معانٍ للإنسانية.
وأقول: (رُبَّما) ..
في كلِّ الدول: الجريمة المتعلِّقة بالدِّماء، والأعراض، والأموال ، سُرعان ما يكشفون هذه الجريمة ، ويُلقون القَبْضَ على المجرمين ، إلا في وطني (العراق) ..
آلافُ القَضَايا ضد مجهول ، آلافُ التفجيرات الكبيرة التي شَرَّدت الأطفالَ ورمَّلَت النِّساء ، وأبكَت الأمهات على أولادها .
سابقًا : كنتُ أسمعُ بـ (حمام قَهْوة شُكُر) وهو حمَّامٌ في منطقة (باب الشيخ) في بغداد ، للنظافة والتَّرتيب ، واليوم نسمعُ بحمَّامات الدِّماء في كلِّ أرجاء بغداد الحبيبة أو العراق ..
لماذا ولماذا وإلى متى ؟؟
ألا تحزن على الوطن ، أين الأنينُ الإنساني النَّابع من الحنين ..
قُم وتَذَكَّر أنَّ الدُّنيا زَائِلَة ..
والله من يتذكَّر (يومَ الحِسَاب) يُحاسِب نفسَهُ قبل أن يَتَسلَّط على رُؤوس الناس
حاسِبوا أنفسَكُم قبل أن تُحاسَبوا ، من الهَرَم إلى القاعدة ، من مُنظِّف الشَّارع ، هذه المهنة المُقدَّسة ، إلى أعلى سُلطة في البلاد ..
حاسبوا أنفسكُم قبل أن تُحاسَبوا ، يا أمة الحَضَارة ، لماذا لا تتذكرون دُموع وآلام الناس ..
اللهمَّ ارحمنا ونَجِّنا من الظَّالمين والطُّغاة، والذين لا يأخذون هذا الدِّين بالحُب والطُّهر .. يــا حق ..
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار وأصحابه الأخيار ..
◈◈◈◇◈◈◈
من كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري رضي الله عنه وأرضاه
Views: 0