Erbil, Kurdistan
0751 175 8937

الدنيا غرور وطريق الحق واحد

Nureddin Ziyad Dalawi

الدنيا غرور وطريق الحق واحد


الدنيا غُرور وطريقُ الحق واحد

 

أرضٌ تقلعُني ، وسماءٌ تأخذني ، والقناديلُ تَدَلَّت كَثُرَيَّات العِنَب في طريقٍ مُعبَّد، يا لها من صورةٍ واضحةٍ ، ومن شَكْلٍ جميل بازخ ، إنها الحروف التأكيدية لطريق الحق ، واضحة كوضوح الشَّمس..

ألا لعنةُ الله على الظالمين .. ومَنْ يُحرِّفونَ الطَّريق ، ويجعلون الطَّريقَ الواضحَ المُعبَّد طريقًا مُعوجًا ، فيه من الحُفَر والأحجار ما يؤدي إلى عَرْقَلة السَّالِك؛ لتكميم مسيره نحو الحق .

إنَّ طريق الحق طريق واحد ، ولكن فيه الفروع ، وهذه الفروع كالمصبَّات للأنهُر ، تصبُّ في البحر ؛ فمهما تفرَّقْت ، ومهما سَلَكْتَ طريقًا صوفيًا، أو مذهبيًا ، أو عرفانيًا ، فلا بد أن تعود إلى أصل الطريق الواحد ، فالاجتهادُ محمود ، وكتابة القوانين الأساسية للاستنباط كأصول الفقه ، هو من الأمور العظيمة ، أما الأمر الخطير في هذه المسألة أن تجعَلَ الطريقَ الواحد بسبب السياسة يصُبُّ في الفروع ، وليس الفروع تصُبُّ في الأصل ..

وبمعنى آخر: أن تُفسِّر الآية ، أو تستنبط الحُكم من الآية أو الحديث النبوي على وَفْق الهوى السياسي للمذهب، أو الطائفة، أو القوم ، فلا بد أن ننظُر بمنظار واحد ، وهو مصلحة العموم والفرد، والقاعدة تقضي :

” أنَّ مصلحةَ العُمُوم فوقَ مصلحة الفَرْد ، وإذا كانت مصلحةُ الفرد تصُبُّ في مصلحة العُموم ، فيجوز تخصيص هذا الأمر لهذا الفرد ” .

ولهذا يجب أن نُراجع أنفُسَنا ، وأن نعود لطريق الحق ، وطريقُ الحق هو أن تبني الأسرة والمجتمع بالحب، والإخاء، والتصافي، وعدم البُغض والخداع والكذب ؛ لأنَّ المصلحة الفردية، والكذب، والنفاق، ومصلحة القوم والطائفة والمذهب .. كل هذه عوامل تُضعف الدين ، وتضعف قانون الدين والعقوبة الدينية ..

وللعلم فإن العقوبة الدينية رحمة وليست نقمة ، وكل العقوبات الدينية ليس فيها قسوة ، أو منظر فيه قسوة ، وأمَّا ما نُشاهدُ على شاشات التلفاز ، أو ما يجري في المجتمع بين الأهل والأحباب ، فكلُّ هذا يصبُّ في الطمع والجشع وحب المال ، وحب السُّلطة ، والتفرد بالقرار ، فلهذا نقول : اللهمَّ بحق سيدنا محمد وآله الأطهار ، أن تُقرِّبنا إليك، وأن تُطهِّر قُلوبنا ، وتغفر لنا وتجعلنا أمة واحدة ..

قال تعالى : ((إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)).( الأنبياء : 92)

وقال تعالى : ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)). (آل عمران : 110)

كيف يُسمينا القرآنُ أمة واحدة ، ونحن الآن أمة الخلاف ، لقد نَخَر الخلافُ بيننا بين الأب وابنه ، والأخ وأخته ، والصديق وصديقه ، إلى أن وصلنا إلى مستوى التناحر في الدول، وبين الدول ..

أهذا هو ذنب الإسلام (حاشاه) ؟؟ أم نُعلِّق أخطائنا على شماعة هذا الدين العظيم، بسبب التديُّن الخاطئ والفِكْر السقيم !!

إنَّ أخطائنا نابعة من الخلل في الفِكْر والتفكُّر ، وأسلوبنا في التفكير للتفسير ، وتأويل الآية واستنباط الأحكام ..

فإذا انصلحَ الفِكْرُ صلُحَ التفكير ، وأوجَدْنا قواعدَ جديدةً ، بشرط ألا نخرُج عن ثوابت الدين ، وألا نُحرِّف كما حَرَّفت أممٌ من قبلنا ..

ولكن نُريد آليةً جديدةً للاستنباط؛ كي نرتقي بهذه المجتمعات إلى مجتمعات طاهرة زكية عالية، قادرةٍ على التغيير والتأثير ..

اللهمَّ ارحمنا بحق هذا الشهر الفضيل المبارك ، واجعله بردًا وسلامًا علينا جميعًا.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار وأصحابه الأخيار ..

◈◈◈◇◈◈◈

من كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري رضي الله عنه وأرضاه

Views: 0