الظلم يكون نوعاً من العدل بمفهوم آخر
الظُّلمُ يكون نوعًا من العَدْل بمفهومٍ آخر
قال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء:135).
مفهومُ الظُّلم عند العوام ضد الظالم هو مفهومٌ خاطئ ، ورجالُ الاقتصاد العالمي جَعَلوهُ عندهم لتكوين فَجْوة بين الرعية والحاكم ، وبذلك ينهارُ الاقتصاد حتى يصير الفردُ عبدًا يعمل بقوت يومه ، والباقي من المال يذهب في خزائن الأغنياء والحكومات كي يجعلونا عبيدًا لهم .. تبًّا لهم ..
ومفهومُ الظُّلم مفهومٌ لفظي يحتمل كُلَّ الوجوه ، والظالم يُحب نفسه أكثر من الآخرين ، والعادلُ يُحب الآخرين أكثر من نفسه ، والظالمُ يرى اللذة في الحكم ، والعادلُ يرى العذاب في الحكم ، فمن كان عادلا فإنه يفر من الحكم ، ومن كان ظالمًا يتشبَّثُ بالحكم ، ولذلك لمّا تعجب ابنُ عباس من صنيع أمير المؤمنين عليه السلام وهو يخصفُ نَعْلهُ بيده ، وهو يحكم أنذاك مناطقَ شاسعة من العالم ، فقال لابن عباس : ما قيمة هذه ؟ مشيراً إلى نعله ، فقال ابن عباس : لا قيمة لها.
فقال الإمام: (والله لهي أحب إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً).
وكَتَب (عليه السلام) مرّة إلى أحد عماله مُؤنباً، وقد بَلَغه أنه أصاب شيئًا من بيت المال، وزعم أنه حقه وختم رسالته قائلا:
(فوالله لو أنَّ الحسن والحسين فَعَلا مثل الذي فَعَلْتَ ما كانت لهما عندي هَوَادة ولما تركتُهُما حتى آخذ الحق منهما).
ويجب أن ننتبه إلى خطورة الفتن ؛ فإن هذه الفتن الدائرة ما بين قومية ومذهبية هي لإثارة النعرات وشق صف المسلمين كي ننسى مفهوم المسلم الحقيقي ، ونتبع الطائفية والقومية والمذهبية ، وبمرور الزمن تتسع الهوّة ، حتى يمر الوقت وتنتهي الثروات الموجودة في بلداننا ، وبعد انتهاء الثروات نكون قبائل متناحرة ونعود ونعيش كالسابق على الغزو والمغانم ، ويكون مفهوم المسلم مفهومًا رمزيًا ينتمي الإنسانُ إليه ، ولايفهم منه شيئًا، كقوم سيدنا إبراهيم (عليه السلام) لمّا كان في الجزيرة العربية كانوا يعبدون الأصنام ويقولون نحن حنفاء !
انتبهوا انتبهوا أيها المسلمون ، يا من سمّاكم الله المسلمين ..
قال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء:135).
اللهم ارحمنا جميعًا ، وبهذه الرحمة اجعل بيننا الرحمة كي نفهم الدين فهمَ الإخاء .
قال تعالى : (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت : 34) .
اللهم انزع فتيل الفتنة بيننا ، وامحُ يا حقُّ الطائفية والقومية والمذهبية ..
اللهم اجعلنا ننتمي للحق ، ونقول الحق والشهادة لله يا أرحم الراحمين
يا الله يا لطيف ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار ..
◈◈◈◇◈◈◈
مقتطفات من مؤلفات و كتابات فضيلة السيد الشيخ محمد تحسين الحُسيني النقشبندي القادري (قدس الله سره)
Views: 0